مقالات

المطلوب ليس إلغاء السلطة الفلسطينية بل تعميق الدمقراطية والشفافية فيها

بقلم: لينا نصار

ظهرت منذ حادث مقتل الناشط السياسي نزار بنات هجمة غير مسبوقة على السلطة الوطنية  الفلسطينية ، منهم من يحرض على الرئيس محمود عباس أو رئيس الوزراء محمد اشتية  شخصياً ومنهم من يدعو إلى حل السلطة الفلسطينية ومنهم من يدعو إلى إقالة الحكومة وإقالة رؤساء الأجهزة الأمنية وووو…

على مهلكم يا جماعة !!

هناك فرق كبير بين إدانة جريمة القتل والمطالبة بالكشف عن المسؤول أو المسؤولين عنها وانتقاد السلطة الفلسطينية موضوعياً  ، وبين الحكم بالإعدام على كل السلطة الوطنية الفلسطينية ، وهي أول جسم شرعي على الأرض الفلسطينية يعترف به كل العالم ، من الأصدقاء حتى الأعداء .

هل تعلمون ما معى إلغاء أو إسقاط السلطة الوطنية الفلسطينية ؟

إنه إلغاء لتاج النضال الوطني الفلسطيني على مدى عشرات السنين . السلطة الفلسطينية هي نتاج الصمود والكفاح الفلسطيني ، هي نتاج تضحيات الفدائي الفلسطيني  والمنتفض الفلسطيني على مدى عشرات السنين . السلطة الفلسطينية هي ثمرة  نضال منظمة التحرير الفلسطينية ، الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني ، محلياً وعربياً ودولياً .

إن إلغاء السلطة الفلسطينية يعني انتحار القضية الفلسطينية بعد هذا الطوفان من الكفاح والتضحيات منذ انطلاق الثورة وحتى اليوم .

وما هو بديلكم للسلطة الفلسطينية ؟ ليس لها أي بديل سوى ضياع القضية وتكريس الاحتلال والفوضى والحرب الأهلية بين الإخوة ، وهدم الاقتصاد الوطني وأماكن العمل والمرتبات لإعالة مئات آلاف العائلات وهدم المؤسسات الوطنية  وهدم تظامي الصحة والتعليم ، وقبر القضية الفلسطينية وإنجازاتها سياسياً ودولياً وعلى الأرض الفلسطينية  . هل هذا ما يريده المحرضون

لقد ركب المتربصون بالثورة الفلسطينية غلى موجة الحادث المؤسف وهو جريمة قتل المواطن نزار بنات رحمه الله ، ليعيثوا في فلسطين فساداً ، كل من حساباته ومصالحه الخاصة ، من ” الزعلان ” على السلطة لسبب ما ، وحتى المتربص بالسلطة سياسياً ويريد أن يحل محلها . ولكن بين هذا وذاك يوجد من تم تضليلهم وجرهم وحتى تجنيدهم لضرب السلطة خدمةً لأحد أعدائها ، وهم كثر .

نعم ، هناك أخطاء لدى السلطة ومن لا يعمل لا يخطيء ،  وهناك بعض مظاهر للفساد في أماكن مختلفة يجب اجتثاثها وإصلاحها . نعم ، هناك من استغلوا مناصبهم لمصالح شخصية ولسوء السلطة ، وهذا يحدث في كل دولة وحكومة في العالم من الولايات المتحدة وروسيا والصين وحتى إسرائيل . وهذه أيضاً ظواهر يجب معالجتها .

لقد أقامت الحكومة الفلسطينية لجنة تحقيق خاصة وسلمت اللجنة نتائج التحقيق وتوصياتها للحكومة طالبة نقلها للجهات القضائية  ، وهذا هو العمل الصحيح . المسؤول عن الوفاة ممكن أن بكون الشرطي الهائج الذي ضربه ، أو الضابط الأعلى رتبة ، أو قرار من صاحب وظيفة أعلى ، وهذا يالضبط سبب إقامة لجنة التحقيق . فماذا تريدون من السلطة أن تفعل أكثر من ذلك ؟!

لا أريد أن أدخل للصراعات الفصائلية والعداوة لفتح أو لأشخاص في السلطة أو لاستغلال حركة حماس  للحادث للتحريض على فتح والسلطة ، فهذا واضح ومعلوم للجميع .

رفقاً ، أيها السياسيين ، رفقاً بفلسطين وبمن يعمل ليل نهار من أجل فلسطين . لا تغرنكم الأخطاء فهي تحدث ، وعلينا تخطي هذه الكبوة ونمنع أمثالها ، لا أن تتنحر !

ليست لدي المعلومات الكافية لأناقش تصرفات رجال الشرطة في قمع المتظاهرين وفي صور الاعتداءات على الصحفيين ، فهناك الكثير من الكلام عن ” المدسوسين ” و” المستعربين ”  و”العملاء ” ، لكنني أود أن أؤكد رأيي بأنه يجب التصرف بأقصى درجات الانضباط أثناء المظاهرات سواء من الشرطة أو المتظاهرين  ، ويجب التظاهر بصورة حضارية ومنظمة ووفق القانون ، وليس بفوضى وعنف  .

وبعد ، فعلينا أن نتخطى هذه المرحلة . وتلخيص المرحلة هو أن المطلوب ليس هدم وإلغاء السلطة الوطنية الفلسطينية بل تنقيتها من الشوائب وتعميق الدمقراطية فيها بشتى الوسائل ، وتعميق الشفافية في العمل ومحاربة الفساد . هذا هو الطريق الصحيح ، وكل طريق آخر هو كارثة على شعبنا وقضيتنا .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى