فن

نادي كرة قدم ببون يفتح أبوابه للاجئين القصّر للتمتع والاندماج

يقوم نادي رياضي في بون الألمانية بتدريب بعض اللاجئين القاصرين المقيمين في أحد المخيمات القريبة، لمساعدتهم على الاندماج في المجتمع الألماني. غالبيتهم يريدون المتعة وتحسين اللغة الألمانية. لكن بعضهم يطمح أن يصبح محترفا.كانت ندف الثلج تتراقص في الهواء عندما دخل بعض اللاجئين الشباب ملعب إحدى نوادي كرة القدم في منطقة قريبة من مدينة بون الألمانية لأول مرة كي يستمتعون بلعب الكرة ويطاردوها حفاة، فلم تكن لديهم أحذية رياضية.

كان ذلك في شهر تشرين الثاني/نوفمبرمن عام 2015، عندما دعا المدرب شتيفان إيبلنغ بعض الشباب اللاجئين من إحدى المخيمات -المجاورة لناديه في منطقة في جنوب مدينة بون- ليتدربوا مع ناديه، ولكن لم يكن يدرك أن غالبيتهم لا يملكون أحذية رياضية، فهي باهظة الثمن ولا يستطيع غالبية اللاجئين شراءها.

قام المدرب بتأمين الملابس والأحذية الرياضية لجميع لاعبيه ليلعب فريقه المختلط من اللاجئين والألمان كل يوم ثلاثاء بدون أن يكون أحد منهم حافي القدمين، وفي هذا السياق يقول: "لقد قمنا بجمع المال في أحد المدارس المجاورة من أجل المستلزمات الرياضية للاجئين".

اللاجئون ليسوا وحدهم على أرض الملعب

في البداية كان أغلبية اللاجئين الذين يقوم إيبلنغ بتدريبهم من سوريا وأفغانستان، ولكن فيما بعد انضم إليهم العديد من الأشخاص من دول إفريقية كساحل العاج وأريتريا، ولهذا فإن الفرنسية هي اللغة السائدة أثناء اللعب، ولكن ما يجمعهم جميعاً أن غالبيتهم هم من اللاجئين "القاصرين غير المصحوبين" وهم الأشخاص تحت الثامنة عشرة الذين قدموا إلى ألمانيا بدون ذويهم.

إلى جانب اللاعبين اللاجئين يقف بعض اللاعبين الألمان أيضاً. ففي بداية العام 2016 بدأ إيبلنغ بالتعاون مع إحدى النوادي المحلية "تواصل الشباب" التي تعمل من أجل اندماج اللاجئين الشباب. يقول نائب رئيس النادي ماكس غريتز: "هدفنا أن نقرب بين الشباب الألمان و اللاجئين، نقوم بالدعاية للفريق في النشاطات التي تقام في المناطق المجاورة، ونحاول إقناع الشباب الألمان أن ينضموا للتدريبات و يتعرفوا على اللاجئين. كما نقوم بجمع النقود من أجل المستلزمات".

ما يميز التدريب هنا أن اللاعبين غير ملزمين بحضوره، و لهذا السبب يختلف عدد اللاعبين من يوم لآخر، ففي بعض أيام التدريب يبلغ عدد اللاعبين ثلاثين، و لكن أحياناً عندما يكون الطقس سيئاً قد يلعب عشرة لاعبين فقط. ولكن دائماً يكون معهم أحد العاملين في المخيم، إذ أن جميع اللاعبين اللاجئين هم تحت السن القانوني.

كرة القدم وسيلة للاندماج

لا يطمح اللاجئ السوري علاء البالغ من العمر ثلاثة عشر عاماً – الذي جاء إلى ألمانيا قبل سنتين – أن يصبح محترفاً في كرة القدم، و لكنه يأتي للتدريب كي يستمتع باللعب و يحسن من لغته الألمانية. يقول علاء: "أريد أن أصبح طبيباً في المستقبل. عندما يتحسن الوضع في سوريا, أريد أن أعود للوطن. سوريا هي وطني".

طريق نحو حلم الاحتراف

شينيدو أصبح منذ مدة قصيرة أحد اللاعبين المداومين على التدريب. اللاجئ البالغ من العمر ستة عشر عاماً جاء إلى ألمانيا قبل أربعة أشهر، هارباً من جهاديي بوكو حرام الذين يرهبون الناس في شمال وطنه نيجيريا ووصل إلى أوروبا عبر البحر المتوسط مروراً بالنيجر وليبيا.

يتحدث شينيدو عن رحلته إلى أوروبا قائلاً: "رحلة اللجوء كانت صعبة، مات الكثير من الناس في الصحراء والبحر". وحصل اللاجئ القاصر –الذي يعيش في إحدى مخيمات اللجوء المخصصة لمن هم تحت السن القانوني- على حماية مؤقتة لمدة سنة، و بعدها يجب عليه أن يقدم طلب اللجوء من جديد.
يتمنى شينيدو أن يبقى في ألمانيا، و حلمه هو اللعب في البوندسليغا (دوري المحترفين لكرة القدم في ألمانيا) أو الدوري الإنجليزي الممتاز أو الدوري الأرجنتيني الممتاز. وفي هذا السياق يقول: "أريد أن أصبح لاعباً محترفاً، مثل ميسي، وأن ألعب إما في صفوف برشلونة أو مع أرسنال".

أما مدربه فيشك أن يستطيع اللاجئون الذين يدربهم من أن يصبحوا محترفين: "غالبيتهم فاتتهم سنة أو سنتين من التدريب، لأنهم كانوا في رحلة اللجوء."

وبدلاً من ذلك يأمل المدرب شتيفان ايبيلنغ، أن يستطيع من خلال تدريبه مساعدة اللاجئين الشباب أمثال شينيدو وعلاء ليشقوا طريقهم في المجتمع الألماني، فيقول: "أريد أن يستطيع الشباب هنا أن يعيشوا مثل الألمان، أن يستطيعوا الذهاب للمدرسة، ثم يجدوا عملاً جيداً."
و في المحصلة يريد المدرب أن يستمتع الشباب –الذين عانوا من الصدمات- بلحظاتهم: "المسألة تتعلق بالمتعة. كرة القدم هي لعبة بسيطة، كرة و مرميان، هذا كل ما يحتاجه المرء."

فيسلي دوكري/ م.ع.ح

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى