فن

عملية ترميم أولى لتمثالين من تدمر السورية

لأول مرة منذ قيام مقاتلي تنظيم "داعش" الإرهابي بتدميرهما تم الآن ترميم قطعتين فنيتين من تدمر. في مقابلة مع DW تتحدث عالمة الآثار الإيطالية ماريا لورينتي عن العوائق السياسية وعن الحفاظ على هذا المشروع.أصبحت تدمر السورية منذ أعمال التخريب الوحشية للمواقع التاريخية صورة كاشفة عن عنف تنظيم "داعش" الإرهابي. وكان مؤتمر خبراء دعا إليه في السنة الماضية وزير الخارجية الألماني السابق شتاينماير في برلين قد بحث إعادة بناء الإرث الثقافي العالمي الموجود في تلك البقعة. والهدف كان تطوير مشروع لفترة ما بعد الحرب. وحاليا قام المعهد العالي للمحافظة والترميم الإيطالي بإعادة تركيب تمثالين وترميمهما. ويفيد الجانب الإيطالي أنه لأول مرة يتم ترميم قطعة فنية دمرها تنظيم "داعش".

كيف نشأت فكرة ترميم التمثالين من تدمر؟

هذان التمثالان كانا معروضين في متحف تدمر. وبعد استيلاء "داعش" على تدمر قام مقاتلو الأخير برمي التمثالين على الأرض باستخدام مطرقات وأجهزة ثقيلة مما ألحق بهما ضررا كبيرا. وهدفهم كان تخريب ملامح الوجه والرسوم الدينية الموجودة على التمثالين. وعندما بسطت السلطات السورية يدها مجددا على تلك المواقع …

هل تعني نظام الأسد؟

نعم قوات نظام الأسد

هل خاطبكم بعدها الأسد؟

ليس الأسد من اتصل بنا، بل إدارة المتحف السوري. ولكن من ناحية مبدئية أريد توضيح أن هدفنا هو الحفاظ على الإرث الثقافي العالمي. نحن لا نعرف هنا أية مسميات سياسية. فالمديرية العامة لإدارة الآثار والمتاحف السورية، وهي جزء من الحكومة السورية التي اتصلت بنا. وتم نقل التماثيل الموجودة في تدمر إلى المتحف في دمشق. وانطلاقا من هنا تولينا المهمة.

متى كان ذلك؟

في أكتوبر 2016 عندما عرضنا التمثالين والكثير من القطع الفنية الأخرى من سوريا في معرض داخل الكولوسيوم الروماني. وبعدها قمنا بترميم التمثالين.

ما هي أكبر تحديات المحافظة التي واجهتموها؟

فيما يخص التمثال النسوي قمنا بإعادة تركيب القطع المتوفرة، والتحديات الكبرى كانت في التعامل مع التمثال الذكري حيث وجب علينا إعادة تشييد الوجه. فجزء كبير منه فُقد. ولم يكن بمقدورنا القيام بذلك باستخدام أساليب عادية.

كيف نجحتم في ذلك؟

قررنا إعادة تركيب جزء من الوجه والرأس باعتماد أسلوب ثلاثي الأبعاد. وكانت هناك لحسن الحظ صورة قديمة للتمثال. ولتوظيف تقنية ثلاثية الأبعاد، كان من الواجب علينا استخدام ما يسمى "الانعكاس". إذن نحن قمنا بواسطة الجزء المتبقي من الوجه بوضعه على المحور المتجانس وبلورة نموذج افتراضي بواسطة تقنية الثلاثية الأبعاد. بهذه الطريقة فقط تمكنا من تكميل الوجه.

هل حصل هذا في السابق أم أنه إنجاز أولي؟

نحن من بين الأوائل الذين استخدموا أسلوب الانعكاسية في ميدان الترميم. لكن الشيء الحاسم والجديد فعلا في أسلوبنا هو قابلية الانعكاس، يعني أن الأعمال التكميلية يمكن العودة بها إلى البداية بدون مشاكل، لأننا قمنا فقط بإلصاق الأجزاء المتكاملة بمغناطيس قوي بالوجه.

خلال محادثاتكم الأولية مع الجانب السوري تعلق الأمر أيضا بقابلية العكس. قلتم تحديدا أثناء العرض أن السوريين كانوا يريدون الحصول على إعادة تركيب محكمة. لكن معهدكم للمحافظة والترميم له مقاربة أخرى؟

أعتقد أننا توصلنا إلى حل وسط. السوريون حصلوا على تمثالين مرممين ونحن بقينا ملتزمين بمبادئنا في الحفاظ على آثار التاريخ لدى القطع الفنية أي تحديدا أيضا عدم إزالة آثار التدمير كليا.

قمتم بإعادة القطعتين الفنيتين المرممتين إلى دمشق. ألم يكن ذلك متسرعا؟ فالحرب لم تنته بعد، فقد تتعرض مجددا للدمار. ومن يقول لكم بأن نظام الأسد هو من سيبقى بعد الحرب؟

لا، نحن لا ننظر إلى الأمر بهذا الشكل. نحن أرجعنا هذه القطع الفنية إلى مالكها الشرعي يعني مدير المتحف الوطني في دمشق. نحن لم نعد هذه القطع الفنية إلى تدمر، بل إلى المتحف الذي حصلنا عليها منه. نحن على ثقة بهذا الخصوص. نعرف أنه يوجد هناك مخابئ آمنة، ولدينا ضمير مرتاح. بعد كل شيء تلك القطع الفنية ليست ملكنا.

مؤسسة الإرث الثقافي البروسي في برلين تعمل هي الأخرى في تدمر ومواقع تاريخية أخرى. هل تتعاونون مع هذه المؤسسة الألمانية؟

لا، لقد كان مشروعا ثنائيا محضا بيننا وبين الجانب السوري. وكما يبدو كنا نحن الأوائل من أنجز ذلك. ولا نخطط لتعاون مع مؤسسة الإرث الثقافي البروسي، علما أننا لا نخطط لمشاريع ترميم إضافية لقطع فنية من تدمر.

+ ماريا لوريتي عالمة آثار من المعهد العالي للمحافظة والترميم الذي يعتبر أداة هامة في "دبلوماسية الثقافة" الإيطالية.

غيرو شليس/ م.أ.م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى