مقالات

رسائل امرأة ترمِّم هرم الحب! | مفيد فوزي

2013-634940935873652198-365_mainيا قمراً فى سماء حياتى..

أكتب لك هذه القصاصات وأضعها بعناية بجوار سريرك وعلى ضوء الأباجورة تقرؤها ثم تزم شفتيك وتفكر بعمق ولا أدرى على وجه الدقة فيما تفكر. هل يشغلك أمرنا أنا وأنت أم يستهويك عملك فيأخذك منى؟، أقصد يسرقك، أعلم أن الرجال بعد 7 سنوات من الزواج تنطفئ الجذوة وربما قد تموت الرغبة ومع ذلك لا أفقد حب الاستمرارية معك ولا فى معيتك وتحت خيمتك. ربما – دون أن تدرى – أعطى درساً سلوكياً لابنتىّ التوأم وقد استقام عوداهما وتكورت صدورهما.

أكتب لك لأرمم هرم حبنا بعد كسور صغيرة قابلة للالتئام بالفعل، ولم أسمع أصوات الصديقات اللاتى يطالبني بأن «اشترى دماغى» و«كان غيرك أشطر» وأن الرجال «ملاعين» وكلهم «نسخة واحدة مكررة»، قررت أن أقف معك وفى أزماتك قبل أفراحك. قررت التضحية بهنائى فلا ترى البنات دموعى. قررت البقاء فى مملكتنا لأنك عاشق حقيقى لا يفصح عن مشاعره، وتشهد كراساتى القديمة على مذكراتى عن رسائلك فى الصلح إذا أغضبتنى. كانت فريدة وصادقة ولا تزال محفورة داخلى ومنها أستمد شرعية الصفح عن بعض أخطائك!، ومن قال إن الرجل «قرار» والمرأة «مشاعر» أخطأ، فالمرأة «مشاعر وقرار» أيضاً.

يا قمراً سابحاً فى سماء العمر متغلغلاً فى لحم أيامي.. أحفظ عن ظهر قلب بعض الأمثال والحكم القديمة التي أرددها لأنها توافق مزاجى وأحوالي. أحفظ مثلاً يقول: «عندما لا تنتظر شيئاً فإنه يأتى لك على عجل» وقد طبقته وانتظرت طويلاً أن تفرج عن أحاسيسك وتصدر عفواً عن لمساتك الصغيرة التى تسعدنى من الوريد إلى الوريد، لكن طال انتظارى وغابت لمساتك. وكنت قد سمعت الموسيقار محمد عبدالوهاب يتكلم عن زوجته نهلة القدسى. قال بصوته الرخيم: «إنها تدرك معنى المسافة، متى تظهر ومتى تختفى بإحساس أنثوى عال. إنها تملك ملفاً كاملاً عنى. متى يكون (بوزى شبرين) فتبتعد فلا تؤذيها زمجرتى، وتعرف أن (الغزالة رايقة) فتقترب وتشاركنى اللحظة»، أدركت الدرس جيداً وفهمت عمق كلمة المسافة. وفهمت لماذا قال جبران خليل جبران فى أحد أقواله: «ليكن بينكم وبين أزواجكم مساحة ما بحيث تظل الأشواق حاضرة».

هأنذا يا سيدى أحارب التوتر الذى يذهب بالعقل ولا أصل إلى حافة الصدام الذى يحرق الأخضر واليابس وجهاز استقبالى على ما يرام.
يا سيد الرجال..

هل أنت من الجيل الذى يرفض العتاب؟، فالعتاب بحجم الحب، تعال نعاتب بعضنا.. لنصفو. فالحياة قصيرة مهما طالت. هل يجمعنا فراش واحد ويفرقنا سوء فهم صغير. أنت تعلم أن كلينا من ثقافتين مختلفتين كل منا يرى الصورة من زاوية، فلماذا لا نقترب فى الرؤية. إن «منة وسلوى» ابنتينا التوأم ينتفضان عندما يسمعان صراخك لأسباب تافهة. هموم الحياة أكبر من الصغائر يا معلمى والدنيا مليئة بمآس خلفتها الحروب والصراعات، فلماذا تثير من الوهم قضية وأنت طبيب يبدأ بالتشخيص ثم العلاج، جرّب العتاب فى لحظة صفاء وسأكون المبادرة حرصاً على كبريائك بيد أنى أفهم أن الرجولة معناها الاحتواء. والرجل عندى حنان واحتواء لا أكثر.

يا أفصح الرجال..

قل شيئاً.. لا تكتم عواطفك، فالمرأة زهرة تحتاج إلى ارتواء. إن ابنتينا صارتا تفهمان معنى العلاقات الإنسانية. معنى كلمة تثير الفرح وكلمة تدعو إلى الإحباط. أنت لا تبتسم فى وجه ابنتيك يا دكتور. أصدر عفواً عن أحاسيسك المختبئة بين ضلوعك. لماذا الرجل يتصور أن زوجته مجرد «جارية» اشتراها بالمهر؟. أقترح عليك أن تسافر وآخذ ابنتينا ونسافر ولو لفترة قصيرة نختبر عواطف بعضنا. لتكن بيننا «فسحة من الوقت» ربما نجدد الأشواق فنرسم هرم الحب. يا أفصح الرجال: اللغة الفصيحة التى تفهمها المرأة الزوجة تتلخص فى كلمة واحدة اسمها «الاهتمام». تحت هذا العنوان يأتى العطف والتعاطف ويأتى الحب والحنان ويأتى الاحتواء ليتوج هذه المشاعر. كيف يتأتى سيدى أن تكون طبيب قلب وفى بيتك يشكو قلبى من العطب ودقاته كسولةلنقص أوكسجين البهجة؟، أسألك الرحيل، لعلك تعود مشتاقاً منجذباً لأصدق البشر فى حياتك.

يا طبيب القلوب..

من بين المعلومات القليلة التى عرفتها منك فى زمن «الخطوبة» أجمل أوقات المرأة معلومة «رسم القلب» للمريض حيث يكتشف من تعاريج الرسم البيانى ما يعانى القلب. فلماذا لا أخضع لتجربة «رسم قلبى» وستعرف منه الكثير ستعرف أنك «متجهم» معظم الوقت. وأنك «تستخف» بآراء ابنتيك وأنك «ضحوك» مع الأغراب. إنك طبيب ناجح، تكتب الصحف عنك ويلهث التليفزيون خلفك وزبائنك من الطبقة الراقية وسمعتك عالية، فيك كل المقومات التى تجعلك سعيداً وليس «سجين زندا» أعطاك الله زوجة صالحة وبنتين زى الفل فلماذا تبدو «ساخطاً» على كل شىء ألا تخشى غضب الله لأنك لا تشكره على عطاياه غير المنظورة؟. أريد أن أرى أسنانك من بين شفتيك عندما تضحك. أريد أن تزيح الكآبة من جبينك وعد طفلاً أمام ابنتيك وسنرقص معك. يا طبيب القلب، كم يطول عمر القلب بالضحك والفرح والبهجة، وكم تقصر أعمارنا من الهم والأحزان. لماذا لا نحيا سعداء فى الرحلة قبل الندم وأنت قبطان المركب.

يا قمر زمانى

من فرط غرابة تصرفاتك ليس معى فقط إنما مع ممرضتك الأمينة أحاول جاهدة أن أقرأ «نشرة طقسك اليوم». ربما أضع نفسى فى موقف «المتربصة» وقد يضايقك هذا، ومن أجل ترميم كسور هرم حبنا، سوف أعود إلى طبيعتى «نهلة التى تنط الحبل» والتى تركب البسكليتة والتى تجيد الفول المدمس الإسكندرانى، سأحاول أن أكون نهلة طالبة الصيدلة التى وقعت فى غرامها. ولكن هل لدىَّ جرأة أن أقول للزمان ارجع يا زمان؟ سأحاول لأستعيد مشاعرك الدافئة.

يا دكتور، أنت تحتاج زوجة «قلب عليك بلا موعد فى العيادة» زوجة ترقب تصرفاتك «مع الممرضات». زوجة تحاسب الضرائب لتعرف دخلك. زوجة ترد الإساءة بإهانة. زوجة تقيس مشاعرك بعيار الذهب. زوجة من نوع الزمن المعاصر. لكنى خريجة مدرسة الفرنسيسكان. تعلمت على يد الراهبات. أدعوك للتسامح مع نفسك ومع الآخرين، واقترب من لترانا أكثر وأوضح وأعمق ولا تجعلنى «أشقى بحسن ظنى»، أحبك سيدى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى