فن

“غرفة اللغة” تجمع اللاجئين والألمان في كولونيا تحت سقف واحد

شبكة للتعارف واللقاء بين اللاجئين وسكان كولونيا، هذا ما تقدمه مكتبة كولونيا لزوارها من القادمين والجدد وسكان المدينة، وذلك من خلال مشروعها الجديد "غرفة اللغة".في حال قررت خلال يوم مشمس أن تقصد شارع "نيوماركت" في مدينة كولونيا، وهي المنطقة التجارية الشعبية في المدينة التي تعج بالمتسوقين، يمكن أن تسلك الطريق المقابل للطريق الرئيسي عبر شارع هادئ اصطفت المطاعم الصغيرة ومحلات البقالة على جانبيه، وإذا تابعت المشي فيه ستصل حينها إلى مبنى كبيرٍ من الرخام والزجاج. كتب على لوحةٍ كبيرة أمامه "سنترال بيبيولوتيك" أي المكتبة العامة، معلنةً وصولك للمكان.

بعد المدخل يمكنك التوجه إلى مناطق القراءة، الباب الكبير سيفضي بك إلى أقسام المكتبة، حيث يمكنك أن ترى أمناء المكتبة يمارسون عملهم بشكلٍ دؤوب في ختم وتصنيف وصياغة شروح الكتب ثم يعيدونها إلى الرفوف. لكن مكتبة كولونيا هي أكثر من صفوف لا نهائية تحمل العلم لطالبيه.

مديرة مكتبة كولونيا العامة هانيلور فوغت تقول "المكتبة هي مساحة خالية من الاستهلاك، حيث يمكنك أن تكون هنا دون الحاجة إلى استهلاك أو إنفاق أي شيء، فلو ذهبت إلى أي مكان في المدينة، إلى مقهى مثلاً أو للقاء أي شخص فستحتاج إلى إنفاق المال، والناس يصنفون المكتبة على أنها أحد الأنشطة التي يقومون بها وهذا مهم بالنسبة لنا".

"غرفة اللغات" كمكان للاجتماع

هذه هي الفكرة الأساسية التي أنجبت " غرفة اللغة " في المكتبة، حيث بدأ المشروع في عام 2015، قبل وقت قصير من موجة اللجوء الكبيرة التي شهدتها ألمانيا، وذلك مع وصول عدد كبير من اللاجئين إلى ميونيخ في سبتمبر/أيلول من ذلك العام. تقول فوغت "بدأنا في تلقي طلبات من أشخاص يريدون معرفة إمكانية تنظيم فعاليات وأنشطة تطوعية أو تعليم اللغة الألمانية في المكتبة، كما كان لدينا العديد من الأشخاص الذين عرضوا التطوع لتنفيذ مثل هذه النشاطات".

قررت فوغت وموظفيها فتح "غرفة اللغة" في مبنى منفصل، على بعد دقيقة واحدة سيرا على الأقدام من المكتبة الرئيسية. وقد تم تجهيز الغرفة بطاولات وكراسي وكتب لتعلم اللغة الألمانية وجهاز عرض ولوحات بيضاء ومنطقة جلوس مريحة مع أريكة وآلة لصنع القهوة. حيث يستخدم الغرفة حالياً حوالي 15 فريقا لدوراتهم و 55 متطوعا يأتون لمساعدة المهاجرين على تعلم اللغة الألمانية أو مساعدتهم في مواضيع أخرى.

كارولين كونين رئيسة قسم الأدب في المكتبة تشرح "يعمل المتطوعون مع اللاجئين بطرق مختلفة، فالعديد منهم يساعدون في تنظيم الفعاليات التي تجري في المكان، ولدينا نشرة دورية للإعلان عن النشاطات والاجتماعات المقررة في كل أسبوع، كما قررنا أيضا تنظيم ألعاب في يوم سبت واحد من كل شهر، فحتى لو كان هناك مشاكل في استخدام اللغة إلا أن اللعب قد يجعل الأمر ممتعاً".

تشمل نشاطات وفعاليات "غرفة اللغة" دورات في الكتابة بالألمانية تقوي مسألة استخدام اللغة للتواصل اليومي، ونادٍ للمحادثة التي يقرر موضوعه كل أسبوع، وعن ذلك تشرح كونين "في الأسبوع الماضي ناقشنا مفهوم الاحترام، وقارنّا أيضا بين العطلات في ألمانيا مع العطلات في بلدان منشأ المهاجرين".

وفقا لكونين فإن الكثير من الوجوه تتكرر في كثير من الفعاليات بينما يفضل البعض الآخر الجلوس والاستماع فقط، وخلافا للتوقعات لم يواجه مديرو "غرفة اللغة" أي مشاكل كبيرة حتى الآن، حسبما تؤكد كارولين كونين بالقول: "لم نواجه مشكلة في "غرفة اللغة" استدعت طلب الأمن أو ما شابه، والتحدي الأكبر لدينا اليوم هو العثور على ما يكفي من الطاولات والكراسي لجميع الحضور عندما يكون العدد كبيراً جداً".

ربط المقيمين القدامى مع القادمين الجدد

في الوقت نفسه، فإن سكان كولونيا الجدد يبدون متحمسين لفكرة وجود مكان للقاء أشخاص جدد بعيداً عن الملاجئ التي يقيمون فيها. ففي بعد ظهر أحد الأيام نزل عبدالله القادم من مدينة عفرين السورية إلى "غرفة اللغة" للحصول على المساعدة باللغة. عبدالله وصل إلى ألمانيا قبل خمسة أشهر ويحاول الحصول على شهادة لغة من شأنها أن تسمح له الانخراط في دورة تعليم مهنية، فالشاب السوري كان يعمل خياطا في سوريا. وعن مشاركته في هذا المشروع يقول "لقد كنت أمشي وشاهدت ملصق "غرفة اللغة" فأتيت إلى هنا لأرى عن قرب ما هي الأنشطة التي يقوم بها المشاركون في هذه الغرفة". يواظب عبدالله على القدوم إلى "غرفة اللغة" بانتظام لتعلم اللغة الألمانية ويستطرد بالقول "لقد التقيت بأشخاص جدد هنا وأنا سعيد، وراض حقا بالتجربة"

إلى القرب من عبدالله يجلس المهدي من الجزائر مع متطوع يساعده في شرح قواعد اللغة الألمانية التي تختلف كثيراً عن لغته الأم العربية او حتى الفرنسية التي يتقنها. علم المهدي بنشاطات "غرفة اللغة" عن طريق صديق وبعدها بدأ يرتاد المكان كثيراً. يقول "لقد جئت إلى هنا كثيرا الشهر الماضي، ولكن الآن أصبح لدي عمل ولم أعد قادراً على الالتزام".

معلمة المهدي لهذا اليوم هي شارلوت ستارك المتطوعة للعمل مع اللاجئين. شارلوت معلمة لغة ألمانية بالأساس وتأتي إلى "غرفة اللغة" مرة واحدة أسبوعياً. وتقول: "لقد عملت مع اللاجئين من قبل فأنا مدرسة لغة، وأساعد الناس هنا لأنني أعتقد أنه من الجيد القيام بذلك".

تساعد ستارك وعشرات المتطوعين الآخرين على نجاح مكتبة "غرفة اللغة" في كولونيا، حيث بدأ المشروع يستقطب المزيد من المهتمين أسبوعياً، وهذا هو الدور الرئيسي لمكتبة المدينة بحسب المديرة هانيلور فوغت، التي تقول "نحن كمكتبة نرى دورنا في توفير الفضاء ووسائل الإعلام والبنية التحتية ليتمكن الأشخاص من ممارسة دورهم".وتختم فوغت بالقول "في نهاية المطاف، المكتبة تربط الناس مع بعضهم البعض، ولكن المهمة الفعلية هي ربط سكان كولونيا القدماء بالوافدين الجدد الذين سيعيشون في المدينة".

مناسي شايلاجا (ر.ج)

© مهاجر نيوز – جميع الحقوق محفوظة

مهاجر نيوز لا تتحمل مسؤولية ما تتضمنه المواقع الأخرى

المصدر: مهاجر نيوز 2017

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى