هل تباهي الفنانين بممتلكاتهم دعاية أم مرض نفسي؟
حيلة قديمة لكنها لم تندثر للأسف، بل تطورت وأصبحت أكثر ملائمة للتطور التكنولوجي الهائل، فيكفي أن أحدهم يكتب منشوراً أو ينشر صورة مثيرة للجدل ثم يحذفها بعد ثوان، ويعود ليبرر: معلش الأكونت اتهكر، أو يستغل بعض اللجان الإلكترونية لدعمه أو للتظاهر بالهجوم عليه فيرد ويبرر ويدافع وينشغل لأمره الجميع، المهم أن يظل تحت دائرة الضوء لأطول وقت ممكن.
لكن تبقى الحيلة الأكثر فعالية الآن هي استعراض الممتلكات، والحرص على إظهار الثراء الفاحش إن جاز التعبير، وكأنه مظهر من مظاهر القوة والنجومية والنجاح في اعتقاد البعض،
فيميلون للاستعراض بصور من طائرة خاصة أو يخت أو قصر أو أسطول من السيارات، أو حتى ارتداء ملابس من أغلى الماركات العالمية، بل ربما صنعت خصيصا لك، لا تكن مثل أحد، بل نافس الجميع في إظهار ممتلكاتك.. بالطبع الشهرة لن تأتي من المنافسة بل من متابعة الجمهور لكل ذلك، الجمهور الذي أغلبه يعاني من الفقر أو يحاول جاهد ألا يقع من دائرة الطبقة المتوسطة لما هو أدنى، فيستفزه الأمر، فيعلق تعليقات سلبية، وبعضهم يدافع ويبردد فيزداد السجال والنقاش، ويبقى النجم هو المستفيد الأول وربما الأوحد.
في الحقيقة هناك فئة كبيرة من المشاهير سواء الفنانين أو الرياضيين أو كبار رجال الأعمال يحبون التباهي بأغلى ما لديهم من ممتلكات، فيسعون دوما لإظهار طائراتهم الخاصة وساعاتهم الفاخرة ومجوهراتهم الأندر في العالم، والعطور التي تحمل أسمائهم وغيره من الأشياء التي تؤكد أن هناك حالة كاملة من الربط بين مكانتهم وبين ما هو غالي الثمن، أو بتعبير أدق نوع من النرجسية الشديدة بحب الذات والتفاخر بالأشياء المملوكة وحب التباهي وإظهار القوة واستعراضها.
أما النرجسي السلبي فيُحقر من الآخرين ويرى أنه أفضل من الجميع، ويسخر دائمًا ممن حوله ويحب أن يكون في دائرة الضوء دائمًا، يتميز بجنون العظمة وتعظيم الذات واستغلال الآخرين لتحقيق مصالحه الشخصية، وغالبًا يعاني من عدم قدرته على بناء علاقات شخصية ناجحة، بمجرد أن يصبح ثريا نجده يستعرض بأمواله، بغض عن النظر عن مصدر هذه الأموال ومدى القوة التي يحصل عليها من خلالها، هو فقط ينفق ببذخ حتى يظهر تأثير الشهرة، فتتركز عليه الأضواء دوما.
وهذا النوع السلبي نراه لدى كثير من الفنانين، في محاولة منهم لعمل حالة من الصناعة السطحية للنجومية، بعيدا عن نجومية الفكر، لأن الأولى تصنع التريندات وتُشكّل عنصر جذب وتسليط قوي للضوء على الفنان، أما الثانية فلا يلتفت لها إلا القليل، وقلما يهتم الناس بفكر شخص معين أو مدى قيمته الفكرية والفلسفية، بقدر ما يستفزهم تصرفات شخص آخر، خاصة لو كانت خاطئة من وجهة نظرهم.
اللطيف أن رمضان معترف بكونه يحب الاستعراض طوال الوقت، صحيح أنه يقول أن الأمر من باب “أما بنعمة ربك فحدث”، وأن جمهوره يحبه ويتمنى له المزيد، أما الكارهون فيغضبون من رؤية مظاهر الثراء والنجاح عليه، لكن لا بأس، على الأقل معترف بالأمر وإن كان يراه إيجابيا، في حين كثير من المشاهير لا يدركون أنهم يفعلون نفس الشيء بنفس الطريقة، وربما يهاجمون رمضان من حين لآخر، ولو أنهم نظروا لأنفسهم لوجدوا أنهم يفعلون مثله، بل ربما أكثر!
للإنصاف يقول البعض إن هذا الأمر نوع من حياة النجومية، فكلما زادت شهرتك وأموالك يكون من الطبيعي أن تملك أغلى الأشياء، ويكون ظهورك بها منطقيا ومتوقعا، فامتلاكك للطائرات الخاصة مثلا يكون مبررا ببحثك عن الخصوصية أو الإنجاز في الوقت وعدم الارتباط بمواعيد معينة للرحلات، فتسافر وتعود في المواعيد المناسبة لك بكل سهولة، وغيره من الأسباب التي تؤكد أنك نجم وغني ومشهور وبالتأكيد قوي، لكن حرصك على التقاط الصور ونشرها في كل المناسبات بهذا الشكل فما مبرره إن كان زائدا عن الحد؟!