ملفات وحوارات

“السماء أحلى من الأرض”.. انتحار سارة حجازي

أعلن حقوقيون انتحار الناشطة سارة حجازي، المقيمة فى كندا، لتنهي حياتها فى عمر الـ30، تاركة خلفها الكثير من الجدل.

وتداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، رسالتها التي كتبتها بخط يدها  لأخوتها وأصدقائها والعالم بأسره، وجاء فيها: “إلى أخوتى.. حاولت النجاة وفشلت.. سامحونى.. إلى أصدقائى.. التجربة قاسية وأنا أضعف من أن أقاومها.. سامحونى.. إلى العالم.. كنت قاسيًا إلى حد عظيم.. ولكنى أسامح”.

وكانت سارة قد أعلنت مثليتها الجنسية عام 2016، الأمر الذي أثار الجدل حينها، وعرضها للمساءلة القانونية، فقامت نيابة أمن الدولة العليا بحبسها بتهمة الترويج للمثليين ورفع علم “الرينبو” فى حفل التجمع الخامس الشهير إعلاميًا بـ”ليلى”.

ووجهت النيابة لها حينها تهم الانضمام إلى جماعة أسست على خلاف أحكام القانون، الغرض منها تعطيل أحكام الدستور والقانون، والترويج لأفكار ومعتقدات تلك الجماعة بالقول والكتابة، والتحريض على الفسق والفجور فى مكان عام، ما دعا سارة إلى مغادرة مصر والانتقال إلى العيش في كندا.

وفجر انتحارها موجة جدل على مواقع التواصل الاجتماعي، ما بين مُتعاطف معها ومع حريتها في اختيار طريقها، وآخرون هاجموها، فكتب الممثل  عمرو واكد:”انتحار سارة حجازي شيء مؤلم جدا. كل واحد ساكت عن الحق شارك في الضغط عليها للإنتحار. مش النظام بس اللي مسئول عن فقدانها للأمل هي وكل اللي حقهم مسلوب. المسئولية تقع على كل واحد شايف الظلم وساكت. ربنا ينتقم من كل واحد مش هامه الا نفسه”.

وأعادت الناشطة السياسية آية حجازي نشر رسالة سارة التي كتبتها بخط يدها، وعلقت: “سارة حجازي مشيت وسابتنا عشان عالمنا قاسي مابيرحمش حاولت تحارب وحشية الرأس مالية وماتخليهاش تشوهها زي مابتشوه الناس بس الحرب كانت أكبر منها حاولت تعمل إضراب عن الطعام… عشان المستضعفين في مصر وسوريا والعالم…بس قوتها ماأسعفتهاش حاولت تشرح للناس مرض التوحد.بس الناس مافهمتش”.

وتابعت في تغريدات أخرى: “حاولت تتكلم عن الاكتتاب بس برضه الناس مافهمتشسارة برضه حاولت تحارب المجتمعات المصطنعة اللي بتمثل على بعض. فكانت أكثر حد حقيقي ممكن تقابلوه سارة…عمرها ماعرفت تستحمل فكرة انها تتجوز راجل. وعانت كتير. أنبت نفسها كتير ولامت نفسها. بعدين قرأت. ولقت انه هي مش شاذة عن الناس. هي مثلية”.

وأضافت: “مثلية بس. حست لأول مرة انها طبيعية. بنشوة رفعت علم الرينبو وده قلب حياتها كلها. اعتقلوها ودخلوها السجن. اتحرشوا بيها وسجنوها انفرادي. بعدين رحلوها. كان ممكن تعيش مبجلة كمناضلة و تخلي المجتمع الكندي يحتضنها ويمجدها. بس عمرها ماكدبت على نفسها سارة كان نفسها ماحدش يعيش في ألم نفسي”.

وختمت: “عشان تخفف من إحساس الناس بالوصمة اتكلمت عن نفسها وألمها، وتفكيرها الدائم بالانتحار. جايز تفيد حد. على الأقل مايحسوش انه مافيش حد بيحس باللي بيحسوه. في الآخر فقدت الأمل. عشان عالمنا طلع قاسي قوي. بس برضه مارضيتش تقسى حتى برحيلها. وقالت إنها مسامحانا. وداعاً سارة حجازي”.

وعلق الإعلامي  عبدالرحمن عياش عبر “تويتر” قائلاً: “سارة حجازي الله يرحمها متقبضش عليها واتحبست واتكهربت واتعذبت واتحرمت من أمها الله يرحمها عشان قيم المجتمع وأخلاقه. حتى لو اللي عملوا فيها قالوا كده. سارة حجازي اتعمل فيها كل ده عشان الدولة تقول إنها قادرة تسيطر على أجسامنا وقادرة تقهرنا ومفيش حاجة ممكن توقفها”.

بينما هاجمها الداعية حامد نهبان، وهاجم من يدعو لها بالرحمة، وكتب عبر صفحته الموثقة على “تويتر”: “تنتحر #سارة_حجازي وقد جمعت الخبائث كلها: ملحدة مستحلة للشذوذ الجنسي وداعية له وختمتها بالانتحار وترند #مصر دعوات لها بالمغفرة والرحمة من الله التي لم تقر بوجوده ودخول الجنة التي لم تصدق ؟ {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}”.

ووافقه الرأي الكاتب محمد الشنقيطي، والذي غرد قائلاً: “للذين يذرفون الدموع على انتحار #سارة_حجازي ويعتبرونها مقتولة بسبب ثلاثة شهور في السجن، قبل أن ترحل إلى تورونتو وتعيش حياة الإباحية التي تريد هناك: لا تنسوا أن في سجون #السيسي ستين ألف من أحرار مصر وأبرارها، تحت التعذيب والإهانة منذ سنين..  فأرونا قليلا من إنسانيتكم بشأنهم!!”.

وتابع بآية قرآنية: “”إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ”.

وهاجمت الإعلامية الأردنية علا الفارس من يُهاجم سارة بعد وفاتها، وكتبت: “من يعيشون دور اولياء الله في الأرض الى متى ؟ناس ما بتعجبك بتختلف عنك ما تحتك فيها .. ما تلحقها بكل مكان لتبث سمومك وقرفك.. إتركوا البشر بحالهم الله يرحمها ويغفر لها “.

بينما اعتنقت الإعلامية اللبنانية نضال الأحمدية، نظرية المؤامرة وعلقت: “إذا كانت #سارة_حجازي وكما تقولون انتحرت لأنها مثلية، رغم أن رسالتها لا إشارة فيها للانتحار.. كيف تصبح بحسب الناشطين بطلة قومية وناشطة (حقوق) وضحية، ولماذا تعمدت بعضهن الإشارة إلى سجون مصر؟ والحديث عن التعذيب وحرية الجنس؟ من منع سارة التي تعيش في كندا منذ سنتين؟ ولماذا تنافقون؟”.

يُذكر أن سارة كانت الأخت الكبرى بين 4 بنات أخريات في عائلتها، والتي تعد عائلة محافظة من الطبقة المتوسطة، وفق وسائل إعلام محلية، وبعد وفاة والدها، ساعدت والدتها على رعاية شقيقاتها، وكانت متخصصة بتكنولوجيا المعلومات.

وفي 2017 دعت لفعالية على شبكات التواصل الاجتماعي بعنوان “ادعم الحب” بهدف دعم تقبل المثلية أكثر، ولكن المفاجأة بأن أول من هاجمها رجل ناشط مثلي الجنس، والذي كان يعتبر أن الدفاع عن المثلية في البلاد حكر عليه، وفق صفحة “برة السور” لدعم المثليين على فيسبوك.

وبعدها خضعت سارة لدورة تتعلق بالأمان الرقمي من أجل حمايتها وتقديم الدعم اللوجستي لها عبر الإنترنت، كما شاركت في دروس خاصة تتعلق بتحليل خطابات الكراهية خاصة تلك التي تطلق عبر المنصات الإعلامية.

واستمرت سارة بالدفاع عن حقها كامرأة مثلية الجنس، وطالبت بالمساواة والعدالة الاجتماعية، وما عرضها للاستهداف الأمني، والتي كان أبرزها قضية “علم الرينبو” حيث عانت على إثر حبسها 3 شهور من تعذيب نفسي وأقدمت على محاولة الانتحار.

بعد نجاتها من محاولة انتحار سابقة، سافرت سارة إلى كندا للابتعاد عن التهديدات الأمنية والاجتماعية، وهو ما شكل لها حالة نفسية بالشعور بالنفي والترحيل القسري، والذي انتهى بالانتحار.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى