ملفات وحوارات

هل الإصابة بفيروس كورونا «وصمة عار»؟

اجتاح فيروس كورونا (كوفيد-19) العالم، مسجلا إصابات ووفيات، ووصل إلى مصر، ليكشف عن المعدن الأصيل للشعب المصري من خلال حملات التكافل الاجتماعي لدعم الفئات المتضررة من الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدولة لمواجهة الوباء، إلا أن هناك ظواهر سلبية وحالات شاذة كشف عنها الوباء أيضا؛ ولعل أبرزها نظرة الوصمة تجاه مصابي فيروس كورونا، والتعامل مع المرض على أنه عار، وكذا التنمر والسخرية من مصابي الفيروس، ما جعل كثيرون يخفون إصابتهم بالمرض حتى تسوء حالتهم ويذهبون للمستشفيات في حالات متأخرة.

عبرت وزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد، عن ذلك حين قالت أن 25% من حالات الوفاة جراء الإصابة بفيروس كورونا تتأخر في الذهاب للمستشفى، ما يرفع نسب الوفيات بالفيروس المستجد في مصر، تفاصيل هذه الظاهرة مع الخبراء، وأسبابها وعلاجها، والخطوات التي اتختها الدولة في هذا الشأن.

تأخر الإجراءات

في البداية يقول الدكتور عمرو فرج، طبيب الأمراض الجلدية بمستشفى المطرية التعليمي، إن أزمة فيروس كورونا أن المصاب به قد تسوء حالته فجأة ويصل تشبع الأكسجين لديه إلى 50% أو 60% ما قد يحتاج إلى الدخول للعناية المركزة والوضع على جهاز تنفس صناعي، لافتا إلى أن نسبة الـ25% التي ذكرتها الصحة حول الإصابات التي تصل متأخرة تتطلب تضافر جهود الوزارة في سرعة نقل الحالات لمستشفيات العزل الصحي وكذا جهود المريض وذويه لسرعة الإبلاغ عن الحالة.

وتابع د. «فرج»، أن بعض المرضى قد يعتقدون أن الإصابة بكورونا أعراض نزلة برد عادية، والبعض يرى أنها وصمة اجتماعية، وينكر الأهل الإصابة بكورونا، مشيرا إلى تأخر الإجراءات لوزارة الصحة في نقل المرضى قد يسهم في تفاقم الإصابة مثلما حدث مع الصحفي محمود رياض الذي اشتكى من تأخر الإجراءات وظل حوالي أسبوع دون رد.

الوصمة الاجتماعية

وأضاف أن المصريين لديهم موروثات قديمة لوصمة الأمراض والمصابين بها مثل السل والجذام والبهاق، لافتا إلى أن المصابين لديهم تخوف من نظرة العنصرية وتجنب الناس لهم، وذلك يرجع إلى انتشار الجهل وقلة الوعي وترك الناس أسيرة لمعتقداتها الخاطئة.

توعية متأخرة

وواصل طبيب الأمراض الجلدية بمستشفى المطرية التعليمي، حديثه أننا دائما نتأخر في نشر التوعية مثلما حدث مع طبيبة الدقهلية التي رفض الأهالي دفنها، فلو كانت هناك توعية مسبقة بأن الدفن يتم بطرق خاصة بمعرفة الطب الوقائي، وإعلانات مصورة بالتلفزيون للتوعية بذلك، لما كان حدث ما حدث من احتجاج الأهالي على دفنها، ولكن كان تصرفنا مع الواقعة كرد فعل، مشددا على أهمية توعية الناس مسبقا بالمرض وطريقة انتقاله وطرق الدفن وطمأنة الناس بأنه دور برد ويتم التعامل معه.

تضافر جهود الدولة

وأوضح أن مرض السرطان بدأت النظرة له تتغير خاصة عندما تم التركيز عليه في الإعلانات وبدأ ينتشر بأعداد كثيرة في المجتمع، ولذا يجب التعامل مع كورونا على هذا النحو خاصة أنه لا ينتقل بطريقة مشينة (كالجنس مثلا) وإنما ينتقل بالرذاذ ولا يد للمصاب فيه، مؤكدا أن الاحتواء مهم للغاية في مقاومة المريض للمرض، ولاسيما احتواء الطاقم الطبي والتعامل معهم كالمحاربين على جبهة القتال، مشددا على أهمية توجه الدولة والإعلام في توعية المجتمع، وكذا رجال الدين والطواقم الطبية وتوعيتهم للناس.

الخوف من التنمر

أما الدكتورة إيمان عبدالله، استشاري علم النفس والعلاقات الأسرية، فترى أن الناس أصبح لديها فوبيا من الكورونا وخوف من التنمر والعلاج، وذلك لخوفهم من الوصمة الاجتماعية خاصة أنه مرض معدي والعدوى به سريعة حول العالم، ويترتب عليه الوفاة، أما الأمراض الأخرى كالسرطان فليس مرض معدي والناس تتعاطف مع المصاب به، وكذلك الإيدز لابد من علاقة مباشرة.

دور المؤسسات الدينية

وتابعت د. «عبدالله»، حديثها أنه الوصمة تعود أيضا لأن المصاب ربما سبب العدوى عدم الالتزام بالنظافة من غسل الأيدي والتعقيم وغيرها من الإجراءات الاحترازية، وكذلك الجانب الاقتصادي والخوف من الفصل من العمل، مشددة على أهمية دور المؤسسات الدينية وتأثيرها في نشر الإيمان بالقضاء والقدر وضرورة العلاج لدى المختصين وذلك عن طريق البرامج الدينية وصفحات التواصل الاجتماعي.

ونوهت على أهمية نشر الوعي بأن الدين المعاملة وليس طقوس يؤديها الإنسان فقط، مؤكدة على أهمية دور الإعلام من خلال تخصيص برامج وصحف للتوعية بأخبار كورونا مع انتشار المعلومات الخاطئة حولها، والاهتمام بالجانب الوقائي والنفسي.

روشتة علاج

وأوضحت أنه على المصاب عدم إخفاء مرضه، والتخلي عن الجهل، ورفع الوعي، وعدم الخوف من رد فعل الناس والتنمر، والالتزام بثقافة الوقاية فيما بعد الانتهاء من الوباء، منوهة على أن كورونا يصيب رؤساء الدول وليس مرتبط بطبقة اجتماعية معينة.

وذكرت استشاري علم النفس والعلاقات الأسرية، أن البعض يعتقد أنه لو ذهب لمستشفى الحجر الصحي سيتم إهماله ويموت وحيد ا ولذا يفضل أنه يموت وسط أهله وهذا اعتقاد خاطئ.

وأكدت د. إيمان عبدالله، على أهمية الأخذ بالأسباب والالتزام بالإجراءات الوقائية وعدم التواكل والإلقاء بالنفس إلى التهلكة.

تعديلات جديدة بالبرلمان

أما لجنة الصحة بالبرلمان، فقد ناقشت القانون المقدم من النائب محمد العمارى، والذي يهدف إلى تعديل بعض أحكام القانون رقم 137 لسنة 1958 في شأن الاحتياطات الصحية للوقاية من الأمراض المعدية ووافقت عليه من حيث المبدأ.

وتأتي التعديلات لتطوير قدرة السلطات الصحية في مواجهة خطر الانتشار الواسع لبعض الأمراض بما يمثل تهديدًا خطيرًا للصحة العامة.

وقال العماري، إن التعديل يستهدف تغليظ العقوبات المقررة لمخالفة أي من الأحكام المنصوص عليها في هذا القانون، وتخويل السلطات الصحية حق إلزام الأفراد باستخدام الكمامات الطبية وغيرها من المستلزمات الوقائية خارج أماكن السكن، إذا قدر وزير الصحة ضرورة ذلك لمنع انتشار العدوى.

وقال العماري، إنه خلال تمكين السلطات الصحية من اتخاذ التدابير الصحية اللازمة للتعامل مع جثث الموتى بسبب الأوبئة، بما في ذلك أن يتم الدفن تحت إشراف صحي، ويضمن ذلك منع انتشار العدوى من جهة، واحترام كرامة المتوفى والشعور الديني والاجتماعي من جهة أخرى.

وأشار إلى أن التعديلات تستهدف استحداث نص عقابي لتجريم أي أفعال من شأنها إعاقة أو تعطل أو منع دفن الميت أو أي من طقوس الدفن بالمخالفة للقواعد والإجراءات التي يحددها وزير الصحة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى