أخبارمصرأخرالاخبار

الاستعلامات: العفو الدولية “تغادر” مجال حقوق الإنسان و”تغرق” في بحر السياسة

قالت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، في بيان لها اليوم، إن منظمة العفو الدولية الناطقة باللغة العربية، نشرت على موقع فيسبوك أمس 29 سبتمبر، رداً على البيان الذي أصدرته الهيئة العامة للاستعلامات أول أمس 28 سبتمبر، رداً على تغريدة نشرتها المنظمة، اتهمت فيها السلطات المصرية بتقييد الحق في حرية التنقل بإغلاق 4 محطات مترو بالعاصمة القاهرة يوم الجمعة 27 سبتمبر.

وبالرغم من زعم العفو أن بيانها جاء للتعقيب على رد “الاستعلامات” عليها، إلا أنه في واقع الأمر لم يتطرق إطلاقاً لمضمونه، وانتهزت الفرصة لمواصلة توجيه اتهامات باطلة، ونشر معلومات مغلوطة وغير موثقة عن الأوضاع في مصر.

فى هذا السياق توضح الهيئة النقاط التالية:

ركز رد العفو على نقاط فرعية جاءت في بيان “الاستعلامات” وابتعد بصورة متعمدة عن المغزى الحقيقي لبيان الأخيرة، الذي لم يضع مقارنات بين مصر وفرنسا على الإطلاق، إنما كان يعطي أمثلة موثقة لتدابير وإجراءات مشابهة اتخذتها بعض الدول (فرنسا- بريطانيا) مع ما فعلته مصر، وموقف “العفو” تجاهها. ومن المثير للدهشة أن “العفو” استشهدت في ردها ببيان لها مؤرخ في 26 أغسطس 2019، لم نجد به بعد مطالعته أي اتهامات للحكومة الفرنسية بانتهاك الحق في حرية الحركة والتنقل، مثلما فعلت مع مصر، مما يدل على أن “العفو” ما زالت في تعاملها مع الشئون المصرية تغلب انحيازاتها السياسية على الدور الحقوقي المفترض بها القيام به.

تجاهل بيان “العفو” السند القانوني الدولي الذي وثقت به “الاستعلامات” ردها على تغريدة الأولى، وهو العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، الذي أباح في البند الثالث من المادة (12) للدول أن تقيد الحق في حرية الحركة والتنقل في حالات محددة منها حماية الأمن القومي وحفظ النظام العام. وأكدت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان هذا الأمر في دورتها السابعة والستين (1999).

وقد توافرت هذه الأركان المذكورة في المادة (12) من العهد الدولي فيما اتخذته مصر من إجراءات، حيث انتشرت دعوات العنف والتحريض على بعض مواقع التواصل الاجتماعي، كما وردت معلومات تشير إلى احتمال تنفيذ عمليات قتل وتخريب في البلاد.

وقد سقط عدد من ضباط وجنود القوات المسلحة شهداء في عمليات مكافحة الإرهاب المستمرة في بعض مناطق محافظة شمال سيناء في نفس اليوم، وهذا يؤكد ما أتت به الاستعلامات من طرح في هذا السياق. ولكن يبدو أن منظمة العفو تحركها ميولها السياسية وليس رسالتها الحقوقية.

تؤكد الهيئة العامة للاستعلامات أن الدولة المصرية تحترم حق التظاهر السلمي المكفول دستورياً، ولكن بعد اتخاذ الإجراءات اللازمة الواردة في القانون الخاص بهذا، شأنها في هذا شأن أي دولة يكفل دستورها هذا الحق وينظمه القانون بها. ومصر في هذا تطبق بدقة، كغيرها من غالبية دول العالم التي تكفل دساتيرها هذا الحق، ما ورد في المادة (21) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، من تنظيم هذا الحق عن طريق القانون. فالمادة تنص على: “يكون الحق في التجمع السلمي معترفا به.

ولا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي تفرض طبقا للقانون وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم”.

وعلى أرض الواقع لم تتلق الجهات المختصة وفق قانون التظاهر، أي إخطار من مواطن أو مجموعة من المواطنين أو من أي جهة سياسية أو أهلية باستخدام الحق القانوني في التظاهر السلمي وفقاً للقانون على مدار الأيام الماضية.

والسؤال الصريح الذي يجب على “العفو” الإجابة عليه في هذا السياق، هو: هل يمثل تجاهل المنظمة لما يتطلبه القانون المصري لتنظيم الحق في التظاهر، انحيازاً منها بل وتشجيعاً للخروج على القانون الذي يستند للعهد الدولي، ودفعاً منها للأوضاع في مصر نحو حالة فوضى “خلاقة” أو غير “خلاقة” تحقيقاً لأهداف تقتضيها انحيازاتها أو تحالفاتها السياسية؟

أصرت منظمة العفو الدولية على أن عدد الموقوفين في مصر خلال الأيام الماضية تجاوز الـ 2200 شخص.

واستندت في ذلك على ما يبدو على إحصائيات أوردتها منظمات محلية ودولية ذات غطاء حقوقي شكلي ومضمون سياسي مؤكد مناوئ للحكم في مصر، بينما تجاهلت تماما الرقم الرسمي الصادر في بيان عن النائب العام المصري.

وهنا ننصح “العفو” بأن تقرأ إذا لم تكن فعلت أو تعاود قراءة هذا البيان لتعرف منه طبيعة وظروف من ألقت السلطات القبض عليهم، وأن هذا تم وفق الإجراءات القانونية وليس اعتقالاً تعسفياً كما تزعم المنظمة.

فقد أشار بيان النائب العام المصري إلى استجواب نحو ألف متهم بحضور محاميهم، حتى يوم الخميس، ووفقا لإجراءات قانونية سليمة تتماشي مع الحقوق الواردة في الدستور المصري والقوانين ذات الصلة، وأن “النيابة العامة مازالت تستكمل إجراءات التحقيق وصولاً للحقيقة وتحقيقاً لدفاع المتهمين” وصولاً إلى اتخاذ قراراتها النهائية بشأن كل منهم.

إن كل ما سبق مازال يثير نفس التساؤلات الحقيقية والكبيرة عن انحيازات ودوافع منظمة العفو الدولية، التي تصر على تبني خطاب مسيس بامتياز لصالح أطراف سياسية بعضها يعارض الحكم في مصر وبعضها الآخر يمارس الإرهاب ضد مواطنيها ومؤسساتها، ضاربة عرض الحائط بكل التقاليد الدولية المستقرة في مجال حقوق الإنسان، الذي يبدو واضحاً في الحالة المصرية أن “العفو” تغادره بسرعة هائلة لتغرق في عالم السياسة، حيث تسيطر القاعدة أن “الغاية تبرر الوسيلة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى