أخرالاخبارملفات وحوارات

ندى تدخل البهجة على قلب شقيقها من ذوي الاحتياجات الخاصة بـ”فوتو سيشن”

أن تقضي حياتك منذ الطفولة بجانب طفل من أصحاب ذوي الاحتياجات الخاصة، فهو أمر جلل من الممكن أن يحوّلك لشخص ناقم على الحياة أو يبعث بداخلك روحا جديدة تؤمن بأنه قضاء الله وقدره.

ندى عزب، شابة عشرينية، منذ أن كانت في عمر السادسة رزقها الله بشقيق من ذوي الاحتياجات الخاصة – شلل رباعي وخلل عقلي – برغم صغر سنها إلا أنها سرعان ما أدركت بحالة شقيقها، فهو مختلف عن باقي أقرانه، ويحتاج إلى معاملة خاصة، وحب أكبر يسع لأن يتحمل رحلة حياته التي سيقضيها على كرسي متحرك.

“أعتبره ابنا لي وليس شقيقي، منذ أن جاء إلى الحياة وأنا أقضي معه معظم يومي، وأهتم به من الألف إلى الياء. كانت والدتي تذهب إلى العمل صباحا ونستيقظ أنا وهو سويا ونقضي ساعات عمل والدتي باللهو ومشاهدة الأفلام والمسلسلات”.. تقول ندى عن بداية معرفتها بمرض شقيقها.

20 عاما قضاها أحمد شقيق ندى مستلقيا إما على سريره في غرفته أو على الأريكة المواجهة للتليفزيون. 20 عاما هي السنوات التي قضاها في الحياة لكن عمره العقلي من حيث النمو لا يتعدى 3 سنوات.

“بشوش، ومحب للحياة، ودائم الابتسام” بثلاث كلمات وصفت “ندى” روح شقيها أحمد: “هو طفل رغم سنوات عمره ما زال يلعب ألعاب الأطفال، رغم حركته الثقيلة إلا أنه يمسك بيده اليمنى المكعبات ويحاول تكوينها، هو محب للحياة، لعل من لطف ربه به أنه لم يمنحه الإدراك لليأس من حالته. أنا لا أشعر أنه معاق فهو مميز ورسالة ربانية لنا لأن نرضى بقضاء الله وقدره”.

الحياة ليست دائما وردية، منغصات الحياة تطل بين حين وآخر، هل هناك أمل من علاجه؟ لماذا لا تضعونه في دار رعاية خاص بمن هم في مثل حالته؟ عليكم أن تتركوه يواجه مصيره وأن تلتفتوا أنتم إلى حياتكم الخاصة! يحاصر الأهالي والأصدقاء أسرة ندى وأحمد بمثل هذه التساؤلات والاقتراحات، يطالبونهم بأن يتركوه يواجه مصيره وحده.

منذ بداية معرفتهم بحالته الصحية بدأت الأم والأبنة في تعلم الطريقة المثلى للتعامل مع من هم في حالته، تقول ندى: “كنا نجلس معه ونلقنه أسماء أعضاء جسده، نعلمه نطق اسمى واسم والدتي، نلاعبه الألعاب التي تزيد من حماسته، نعرفه على الحياة، كان ذلك يزيد من شعوري بأني والدته ولست شقيقته فقط”.
التعرض إلى مواقف التنمر صاحبت ندى وأحمد طوال حياتهما، البعض لا يعرف حالته الصحية ويراه بجسمه الضخم ووجهه البشوش: “تعرضت لمواقف تنمر كثيرة بصحبة أحمد. بعض المواقف ما زالت عالقة في ذهني، أحدهم كان أثناء استقلالنا لوسائل المواصلات وابتعاد الركاب عن أحمد مصحوبا بنظرة اشمئزاز، أو تلك عندما كنا نسير في أحد الشوارع وفجأة وجدنا رجلا عجوزا يرفع صوته على أحمد وينهره بالوقوف والسير بدلا من التظاهر بأنه مريض، كنت أشعر بوالدتي وحزنها على ابنها، كنت أرى في عينيها الدموع ومحاولتها القبض عليها.
“كائن غريب” كان أصعب توصيف سمعته ندى من أحدهم أطلقه على شقيقها، فهي تشعر أن المجتمع المصري ما زال يفتقد لثقافة التعاطي مع هذا النوع من المرض: “كنت أسمع والدتي في المساء بعد أداء الصلاة تطلق دعواتها إلى الله بأن يجعل لها أحمد شفيعا يوم القيامة”.

الحياة ليست دائما تراجيديا ومآس فهناك لحظات فرح وحب أحاطت بعائلة ندى وأحمد، فهي لم تنس عندما فاجأت والدتها في أحد أعياد الأم بالاتفاق مع أحمد وكم السعادة التي رسمتها على وجهها عندما وجت أحمد ممسكا بيده بهدية لها: “أنا عرفت حياة أحمد وحالته عن كثب، وأعرف كم المعاناة التي تحملتها أمي على عاتقها وأردت أن أدخل إلى قلبها شيئا من الفرح، أذكر ذلك الموقف جيدا، قبل دخول والدتي إلى المنزل وضعت الهدية في يده وما أن دلفت إلى الغرفة حتى رفع يده ملوحا بالهدية وفي الخلفية أغنية “ست الحبايب” يومها رأيت الفرحة في عين والدتي، طبعت قبلته على جبهته واحتضنتني بقوة وسقطت دموعها”.

لم تشعر يوما بالخزي لمرض شقيقها، كانت دائما نظرتها إيجابية لحالة أحمد، فهي تراه مميزا ليس معيوبا، لا تنكر أنه في لحظات فارقة في حياتها أرادت أحمد سليما معافى. أرادت أن تلقى بنفسها في حضنها وأن تروي لها ما يزعجها. أن تسير بجانبه في الشارع دون أن تكون خائفة. حلمت بأن يصبح لها أخا يفهمها ويحميها، تقول ندى: “بالطبع هنك مواقف كنت أحتاج إليه بشدة، لكن ذلك لم يمنعني من الحديث معه بشكل متواصل أحكي له يومي في العمل أو الجامعة أشعر أنه يفهمني ويسمعنى جيدا، يربت فوق كتفي إن رآني أبكي يوما، هو جميل بكل تفاصيله وأنا دائما ما أفكر في طريقة لجعله سعيدا”.

يتابع أحمد التليفزيون المصري بقوة، ويحب مغنين ومقدمي برامج وممثلين كثيرين، ولحسن حظه أن ندى تعمل في مجال الإعلام وتلتقي ببعض المشاهير الذين يحبهم أحمد، وعلى رأسهم تامر حسني وشريف مدكور، واستغلت في أحد الأيام حلول تامر حسني ضيفا في أحد البرامج التي عملت بها وطالبته بتقديم أغنية إلى أحمد بمناسبة عيد مولده وقد كان.

دائما ما يشغل بالها كيف يمكن أن تدخل الفرح إلى قلب شقيقها، فأرادت أن تخرج إلى العالم وتريهم جمال أحمد وطيبته وضحكته الطبيعية، اتفقت على أن تقيم “سيشن” تصوير لأحمد في شارع المعز التاريخي ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي تعبيرا على حبها لشقيقها وعدم الشعور بالخزي من كونه من ذوي الاحتياجات الخاصة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى