كيف حددت فرنسا هوية منفذى مذبحة باريس بهذه السرعة؟


استغرب البعض من سرعة تكشف الخيوط الأولية لمجازر باريس البشعة التى وقعت على يد 7 انتحاريين، تقطع السلطات الفرنسية، أنهم من معتنقى الفكر والبيعة الداعشية.
فى أقل من 24 ساعة على جريان حمامات الدم فى شوارع عاصمة الفكر والثقافة والإبداع، كان لدى المدعى العام الفرنسى ما يقوله بشأن المتورطين فى الجريمة، فيما تم تحديد هوية أحد المنفذين المحتملين، وهو مواطن فرنسى يدعى عمر إسماعيل مصطفى، قبل أن تعلن اليونان وبلجيكا وألمانيا عن ما لديها بشأن الحادثة.
فما سر تلك السرعة فى التحقيقات والوصول إلى نتائج قيمة، على عكس ما يحدث فى بلادنا فى حوادث مشابهة؟
على الأرجح لا يغادر التفسير المنطقى لذلك الأمر بنود معاهدات الدفاع المشترك والتعاون الأمنى والاستخباراتى الموقعة بين دول الاتحاد الأوروبى، حيث تنص جميعها على أن مصاب دولة هو مصاب باقى الدول، وعليه تُفتح خزائن وكنوز المعلومات بين الجميع على الفور وأولًا بأول.
فنجد على سبيل المثال أن ألمانيا تشارك الفرنسيين حزنهم وتحقيقاتهم بعد الاعتداءات الإرهابية الوخيمة التى شهدتها باريس بشكل عملى، وذلك عبر تشكيل وزارة الخارجية خلية أزمات تتواصل على نحو وثيق مع السلطات الفرنسية.
ووفق بيان رسمى لوزارة الخارجية الفرنسية حصل ” على نسخة منه بالألمانية والعربية، فإنه “حينما كان الإرهاب يعصف بالعاصمة الفرنسية كان وزير الخارجية فرانك فالتر شتاينماير والرئيس الفرنسى فرانسوا أولاند يتابعان المباراة الودية بين ألمانيا وفرنسا فى إستاد فرنسا بباريس. وبينما المباراة كانت لا تزال تقام بدأت ترتسم أبعاد المآساة. لقد أودى الاعتداء بحياة ما يزيد على 100 شخص وعدد كبير جدًا من الجرحى. شعر وزير الخارجية شتاينماير بالفزع من الهجوم الإرهابى الوحشى وصرح وهو لا يزال فى باريس قبل أن يواصل رحلته فى الليل إلى المؤتمر الدولى الخاص بسوريا فى فيينا: (نقف بجوار فرنسا)”.
وبالتوازى مع ذلك، حسب البيان، وجهت وزارة الخارجية الألمانية فى برلين بتعليمات من وزير الخارجية شتاينماير وقبل انقضاء مساء الجمعة، بتكوين خلية أزمات لمتابعة الاعتداءات الإرهابية فى باريس، حيث يتواصل أعضاء الخلية منذ تلك اللحظة على نحو دائم ووثيق مع السفارة الألمانية فى فرنسا والسلطات الفرنسية.
كما تم تحديث تعليمات السفر والأمن بالنسبة لفرنسا لملائمة الوضع هناك، واجتمعت خلية الأزمات الخاصة بالحكومة الألمانية فى 14 نوفمبر برئاسة وكيل الوزارة للشؤون الخارجية شتيفان شتاينلاين.
وفى اليوم ذاته التقى شتاينماير فى فيينا قبل البدء بالمشاورات المتعلقة بسوريا، نظيره الفرنسى لوران فابيوس، وأعرب له باسم الحكومة الألمانية أيضا، عن مواساته لضحايا الاعتداء الإرهابى وتعاطفه معهم.
وفى هذا الصدد قال شتاينماير كما ينقل البيان: “تتخطى أبعاد الكارثة الوحشية قدرة أى إنسان على التخيل. ما بدأ بوصفه احتفالا كرويا انتهى جحيما من الإرهاب”، مؤكدا أن ألمانيا تقف فى هذه الساعة الأليمة واليائسة في فرنسا، وقوفًا صلدا بجانب الأصدقاء الفرنسيين.
وعلى المستوى التضامنى والشعبى والرسمى شهدت ألمانيا أيضا موجة من الحزن والألم ، حيث أكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل مساندة ألمانيا وتضامنها مع فرنسا، كما كتبت فى وقت لاحق وأعضاء آخرون من الحكومة الألمانية كلمات العزاء فى سجل العزاء بالسفارة الفرنسية فى برلين، وكان سبقها عزاء الرئيس الألمانى يواخيم جاوك، حيث كتب: “نقف فى ألمانيا وقد اعترانا الحزن العميق والصدمة الهائلة بجانب أصدقائنا الفرنسيين. كما نقف بجوارهم حينما ندافع عما نادوا به لأول مرة فى أوروبا: الحرية … المساواة … الإخاء”.
ويقطع البيان بأنه لم تقتصر مشاركة فرنسا فى مصابها الحزين على الرئيس الألمانى والحكومة الألمانية فحسب، حيث وضع كثير من المواطنين أمام الممثلية الفرنسية فى برلين الورود ورسائل التضامن والمواساة، وجاء فى إحدى هذه الرسائل: “إلى باريس يرتحل المحبون. إنها مدينة الحياة والحرية. سندافع عنها. لكن ليس بالكره، فالكره لغة الموت، وليس لغة الحياة.”
وكان مئات من سكان برلين تجمعوا مساء أمس أمام بوابة براندبورج التى أُضيئت بألوان علم فرنسا للتعبير عن حزنهم على ضحايا الحوادث الإرهابية التى ضربت عاصمة النور.
Source: ملفات وحوارات