مقالات

أفضل الطرق لثبيت دعائم الدولة بقلم| عماد الدين حسين

عماد الدين حسين

فى برنامجه المتميز «8 الصبح» على قناة «دى إم سى»، سألنى الإعلامى والصديق رامى رضوان عن كيف يمكن حماية الدولة ومؤسساتها من الإشاعات التى تهدف إلى إسقاطها.

السؤال جاء بعد أيام قليلة من الجلسة المهمة التى شارك فيها رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى فى مؤتمر الشباب الأخير بمكتبة الإسكندرية الأسبوع الماضى وكان عنوانها: «صناعة الدولة الفاشلة.. آليات المواجهة»، وأدارها باقتدار رامى رضوان أيضا.

فى إجابتى على مدى أكثر من 40 دقيقة برفقة الباحثة الاستاذة أمل مختار بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية قلت ما معناه:

المؤامرة موجودة ومستمرة بين غالبية بلدان العالم، ومصر ليست استثناء، وهناك فرق كبير بين المؤامرة وبين الصراع الطبيعى الموجود بين غالبية المؤسسات والقوى والدول. قلت أيضا إن هناك خلافا على مفهوم الدولة الفاشلة منذ صدور كتاب نعوم تشومسكى عام 2006 بنفس الاسم. والبعض يعتبر المصطلح اختراعا أمريكيا لتحقيق أهداف خاصة.

قلت إن أفضل طريقة لمواجهة ذلك هو بتقوية الدولة ودعائمها، ولا يكون ذلك إلا بتحقيق أكبر قدر من التوافق الوطنى بين كل أو غالبية مكونات المجتمع، وأقصد بهذه المكونات كل من يؤمن بالقانون والدستور والدولة المدنية وليس الإرهابيين والمتطرفين والظلاميين غير المؤمنين أصلا بالدولة المدنية.

قوة الدولة لن تأتى إلا إذا كانت هناك أصوات وآراء وأفكار مختلفة تحت سقف الدستور، وبالتالى فإن الصوت الواحد لن يثبت دعائم الدولة، بل ربما يكون سببا فى تقويضها.

قلت لرامى رضوان: أخشى أن يفهم بعض الناس دعوة الرئيس السيسى بالخطأ.. على سبيل المثال لو أن أى مسئول أو وزير قد ارتكب مخالفة أو وقع فى مصيدة الفساد، وقامت صحيفة أو فضائية بانتقاده.. فهل يعتبر ذلك هدما لأسس الدولة؟!.

الصحافة الحرة الملتزمة بالقانون هى أفضل حامٍ وداعم للدولة وللرئيس وللمجتمع. هى التى تقوم بنشر وقائع الفساد على الملأ، وبالتالى يتمكن الرئيس والحكومة وسائر الأجهزة المختصة من تصحيح هذه الأوضاع. لكن إذا أجبرت هذه الصحف والفضائيات على التوقف عن نشر أى مخالفات لمسئول أو هيئة أو وزارة، بحجة أن ذلك حماية للدولة فسوف يستيقظ المجتمع ذات يوم على كابوس رهيب، ويومها لن يفيد الندم.

قلت للصديق رامى رضوان وللعديد من الفضائيات الأخرى عقب جلسة «صناعة الدولة الفاشلة»، إن استقرار الدولة الحقيقى يتحقق بانحياز الدولة للفئات الأكثر فقرا، وبتحقيق العدالة الاجتماعية وتقوية الطبقة الوسطى. وأن تتحمل كل فئات المجتمع خصوصا الأكثر غنى عبء الارتفاعات المتوالية فى الأسعار بعد تعويم الجنيه وزيادة أسعار الوقود.

قلت أيضا إن خطر الإرهاب والتطرف، قليل جدا إذا قورن بخطر إحساس الناس بغياب العدل والعدالة، وبالتالى فإن الناس البسطاء سيقفون فى صف الحكومة فى اللحظة التى سيصدقون أنها تعمل من أجلهم ومن أجل المجتمع.

قلت للزميل رامى رضوان وزملاء إعلاميين آخرين إن الحكاية تبدأ وتنتهى من الداخل وليس من الخارج. ومادام المجتمع مستقرا، وبه أكبر نسبة من التوافق، فإن العالم الخارجى مهما بلغ حجم تآمره لن يستطيع التأثير علينا. وضربت لهم مثلا بإيران ــ بغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا معها ــ التى لم يستطع الغرب وجيرانها التآمر عليها لسنوات طوال بسبب تماسكها الداخلى.

مرة أخرى فإن العامل الحاسم فى هذه القضية هو صلابة المجتمع، وما هى النتيجة الفعلية لسياسات الحكومة على أرض الواقع، وما هى انحيازاتها الاجتماعية.. هل تنحاز للفقراء فقط، أم للأغنياء فقط، أم توازن بين انحيازاتها بين كل الطبقات؟!.

فى جلسة «صناعة الدولة الفاشلة» تحدث الجميع بصورة طيبة لكن كلام الصديق ضياء رشوان رئيس هيئة الاستعلامات كان علميا ومقنعا وفى الصميم، كما أن مداخلة الصديقة نهى النحاس مديرة النادى الإعلامى كانت الأكثر شجاعة، حينما قالت إن افضل آليات مواجهة الدولة الفاشلة هو ضرورة خلق منظومة إعلام مستقل ومهنى.

هى قالت أيضا إنه لا يوجد استقلالية لأى إعلام فى العالم بشكل كامل، لكنها شددت على أن بعض الدول ترى أن حرية الإعلام تشكل خطرا على استقرار الدولة، وهذه نظرية خاطئة، وبالتالى فهناك ضرورة للانتهاء من قانون تداول المعلومات لإتاحة المعلومات الصحيحة للإعلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى